فصل: (الْمُتَفَرِّقَاتُ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ:

إذَا أَرَادَ إيجَابَ الِاعْتِكَافِ عَلَى نَفْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ بِلِسَانِهِ، وَلَا يَكْفِي لِإِيجَابِهِ النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَهَا هُنَا أَصْلَانِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْأَيَّامَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ أَوْ التَّثْنِيَةِ يَتَنَاوَلُ مَا بِإِزَائِهَا مِنْ اللَّيَالِي، وَكَذَا اللَّيَالِي يَتَنَاوَلُ مَا بِإِزَائِهَا مِنْ الْأَيَّامِ كَذَا فِي الْكَافِي.
فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ وَيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَيْلَتَيْنِ لَزِمَهُ الْأَيَّامُ بِلَيَالِيِهَا وَاللَّيَالِي بِأَيَّامِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى بِالْأَيَّامِ الْأَيَّامَ خَاصَّةً وَبِاللَّيَالِيِ اللَّيَالِيَ خَاصَّةً صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَيَلْزَمُهُ فِي الْأَيَّامِ اعْتِكَافُ الْأَيَّامِ دُونَ اللَّيَالِي، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي اللَّيَالِي هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَمْ يَدْخُلْ اللَّيْلُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(وَثَانِيهِمَا) أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَدْخُلْ فِي وُجُوبِ اعْتِكَافِهِ اللَّيْلُ جَازَ لَهُ التَّفْرِيقُ، وَمَتَى دَخَلَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَزِمَهُ مُتَتَابِعًا وَمَتَى شَاءَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الشَّهْرَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَمَتَى دَخَلَ فِي اعْتِكَافِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ لَيْلَةٍ تَتْبَعُ الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهَا كَذَا فِي الْكَافِي.
فَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ اعْتَكَفَ يَوْمَيْنِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيَمْكُثُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَيَوْمَهَا وَاللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ وَيَوْمَهَا وَيَخْرُجُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَكَذَا فِي الْأَيَّامِ الْكَثِيرَةِ يَدْخُلُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ الْعِيدِ قَضَاهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إنْ نَوَى الْيَمِينَ فَلَوْ اعْتَكَفَ فِيهِ أَجْزَأَهُ، وَأَسَاءَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ اعْتَكَفَ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ فَاعْتَكَفَ قَبْلَهُ أَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَاعْتَكَفَ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ مَضَى لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي بَابِ النَّذْرِ بِالصَّوْمِ.
وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ فَمَاتَ أَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ إنْ أَوْصَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ، وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ جَازَ ذَلِكَ.
وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ، وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَمْ يَبْرَأْ حَتَّى مَاتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَحَّ يَوْمًا ثُمَّ مَاتَ أَطْعَمَ عَنْهُ عَنْ جَمِيعِ الشَّهْرِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

.(الْمُتَفَرِّقَاتُ):

رَجُلٌ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ فَصَامَ شَهْرًا يَنْوِي الْقَضَاءَ عَنْ الشَّهْرِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ رَمَضَانُ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يُجْزِيهِ، وَإِنْ صَامَ شَهْرًا يَنْوِي الْقَضَاءَ عَنْ رَمَضَانَ سَنَة إحْدَى وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ أَفْطَرَ ذَلِكَ قَالَ: لَا يُجْزِيهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي بَابِ النِّيَّةِ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَعَلِمَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَلِمَ فِي خِلَالِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَالْمَجْنُونُ فِيهِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَإِنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي فَصْلِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يَأْكُلْ فَصَامَ تَطَوُّعًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَالصَّوْمُ لَا يَتَجَزَّأُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ.
وَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْأَكْلِ وَنَوَى التَّطَوُّعَ كَانَ مُتَطَوِّعًا عَلَى الصَّحِيحِ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ الرَّازِيّ يُؤْمَرُ الصَّبِيُّ إذَا أَطَاقَهُ وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ اخْتِلَافَ مَشَايِخِ بَلْخٍ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُؤْمَرُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَضُرَّ الصَّوْمُ بِبَدَنِهِ فَإِنْ أَضَرَّ لَا يُؤْمَرُ بِهِ، وَإِذَا أُمِرَ فَلَمْ يَصُمْ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَسَأَلَ أَبُو حَفْصٍ أَيُضْرَبُ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ عَلَى الصَّوْمِ قَالَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
كُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ نَذْرٌ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ أَوْ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ وَصَارَ بِحَالٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ، وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ، وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَطَهُرَتْ الْحَائِضُ وَقَدِمَ الْمُسَافِرُ مَعَ قِيَامِ الْأَهْلِيَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ، وَكَذَا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ لِوُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَالْأَهْلِيَّةِ ثُمَّ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهِ بِأَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا أَوْ أَصْبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُفْطِرًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ تَسَحَّرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ طَالِعٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ تَشَبُّهًا بِالصَّائِمِينَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي فَصْلِ حُكْمِ الصَّوْمِ الْمُؤَقَّتِ.
وَكَذَا الَّذِي أَكَلَ، وَهُوَ يَرَى أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ فَظَهَرَ أَنَّهَا لَمْ تَغِبْ، وَكَذَا مَنْ أَفْطَرَ خَطَأً أَوْ مُكْرَهًا هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَقِيلَ الْإِمْسَاكُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَالصَّحِيحُ الْوُجُوبُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّشَبُّهُ بِالصَّائِمِ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَهَلْ تَأْكُلُ الْحَائِضُ سِرًّا أَوْ جَهْرًا قِيلَ سِرًّا وَقِيلَ جَهْرًا وَلِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ الْأَكْلُ جَهْرًا رِوَايَةً وَاحِدَةً كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَمَنْ دَخَلَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَضَاهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ سَوَاءٌ حَصَلَ الْفَسَادُ بِصُنْعِهِ أَوْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ حَتَّى إذَا حَاضَتْ الصَّائِمَةُ الْمُتَطَوِّعَةُ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي الصَّوْمِ الْمَظْنُونِ إذَا أَفْسَدَهُ بِأَنْ شَرَعَ فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَأَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا قَالَ أَصْحَابُنَا الثَّلَاثَةُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَكِنْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَمْضِيَ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا شَرَعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ أَيْسَرَ فِي خِلَالِهِ فَأَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
إذَا نَوَى صَوْمَ الْقَضَاءِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ الْقَضَاءِ هَلْ يَصِحُّ عَنْ التَّطَوُّعِ قَالَ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ إنَّهُ يَصِحُّ، وَإِنْ أَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَمَنْ لَمْ يَنْوِ رَمَضَانَ كُلَّهُ صَوْمًا، وَلَا فِطْرًا فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا كَفَّارَةَ بِإِفْسَادِ صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ كَذَا فِي الْكَنْزِ.
كَفَّارَةُ الْفِطْرِ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ أَوْ كَافِرَةٍ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْعِتْقِ فَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ حَالُ الْمُكَفِّرِ فِي جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا وَقْتَ وُجُوبِهَا فَإِنْ كَانَ وَقْتَ الْأَدَاءِ مُعْسِرًا يُجْزِيهِ الصِّيَامُ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْوُجُوبِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ جَامَعَ مِرَارًا فِي أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُكَفِّرْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ جَامَعَ، وَكَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ أَفْطَرَ فِي يَوْمٍ فَأَعْتَقَ ثُمَّ أَفْطَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَأَعْتَقَ ثُمَّ أَفْطَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَأَعْتَقَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الرَّقَبَةُ الْأُولَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ اُسْتُحِقَّتْ الثَّانِيَةُ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الثَّالِثَةُ فَعَلَيْهِ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَا يُجْزِئُ عَمَّا تَأَخَّرَ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الثَّانِيَةُ أَيْضًا فَعَلَيْهِ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الْأُولَى أَيْضًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ أَعْتَقَ رَقَبَةً وَاحِدَةً لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ.
وَلَوْ جَامَعَ فِي رَمَضَانَيْنِ، وَلَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ جِمَاعٍ كَفَّارَةٌ فِي الظَّاهِرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
إذَا لَزِمَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى السُّلْطَانِ، وَهُوَ مُوسِرٌ بِمَالِهِ الْحَلَالِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَبِعَةٌ لِأَحَدٍ يُفْتَى بِإِعْتَاقِ الرَّقَبَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
شَهْرُ رَمَضَانَ إذَا جَاءَ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَيَوْمُ عَرَفَةَ جَاءَ يَوْمُ الْخَمِيسِ أَيْضًا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَرَفَةَ لَا يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى لَا تَجُوزَ التَّضْحِيَةُ فِي هَذَا الْيَوْمِ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمُ نَحْرِكُمْ يَوْمُ صَوْمِكُمْ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ ذَلِكَ الْعَامَ دُونَ الْأَبَدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي فَصْلِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ.
اعْلَمْ أَنَّ الصِّيَامَاتِ اللَّازِمَةِ فَرْضًا ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَبْعَةٌ مِنْهَا يَجِبُ فِيهَا التَّتَابُعُ، وَهِيَ رَمَضَانُ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَكَفَّارَةُ الْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ، وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ، وَصَوْمُ الْيَمِينِ الْمُعَيَّنِ.
وَسِتَّةٌ لَا يَجِبُ فِيهَا التَّتَابُعُ، وَهِيَ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَصَوْمُ الْمُتْعَةِ وَصَوْمُ كَفَّارَةِ الْحَلْقِ، وَصَوْمُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَصَوْمُ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَصَوْمُ الْيَمِينِ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَصُومَنَّ شَهْرًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ ثُمَّ إذَا كَانَ مُخَيَّرًا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ فَالْمُتَابَعَةُ مُسْتَحَقَّةٌ مُسَارِعَةٌ إلَى إسْقَاطِهِ عَنْ ذِمَّتِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
اعْلَمْ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ يُسْتَحَبُّ طَلَبُهَا، وَهِيَ أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ، وَلَا تُدْرَى أَيَّةَ لَيْلَةٍ هِيَ وَقَدْ تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ، وَعِنْدَهُمَا كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا مُتَعَيِّنَةٌ لَا تَتَقَدَّمُ، وَلَا تَتَأَخَّرُ هَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ فِي الْمَنْظُومَةِ وَشُرُوحِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ.
حَتَّى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ عَتَقَ إذَا انْسَلَخَ الشَّهْرُ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ مُضِيِّ لَيْلَةٍ مِنْهُ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ عِنْدَهُ لِجَوَازِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى، وَفِي الشَّهْرِ الْآتِي فِي اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَعِنْدَهُمَا إذَا مَضَى لَيْلَةٌ مِنْهُ عَتَقَ كَذَا فِي الْكَافِي، وَفِي مُلْتَقَى الْبِحَارِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رَاجِحٌ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالنَّذْرُ الَّذِي يَقَعُ مِنْ أَكْثَرِ الْعَوَامّ بِأَنْ يَأْتِيَ إلَى قَبْرِ بَعْضِ الصُّلَحَاءِ وَيَرْفَعَ سِتْرَهُ قَائِلًا يَا سَيِّدِي فُلَانٌ إنْ قَضَيْت حَاجَتِي فَلَكَ مِنِّي مِنْ الذَّهَبِ مَثَلًا كَذَا بَاطِلٌ إجْمَاعًا نَعَمْ لَوْ قَالَ يَا اللَّهُ إنِّي نَذَرَتْ لَك إنْ شَفَيْتَ مَرِيضِي أَوْ نَحْوَهُ أَنْ أُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ بِبَابِ السَّيِّدَةِ نَفِيسَةَ أَوْ نَحْوَهَا أَوْ أَشْتَرِيَ حَصِيرًا لِمَسْجِدِهَا أَوْ زَيْتًا لِوَقُودِهَا أَوْ دَرَاهِمَ لِمَنْ يَقُومُ بِشَعَائِرِهَا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ نَفْعُ الْفُقَرَاءِ، وَالنَّذْرُ لِلَّهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ إنَّمَا هُوَ مَحَلٌّ لِصَرْفِ النَّذْرِ لِمُسْتَحِقِّيهِ يَجُوزُ لَكِنْ لَا يَحِلُّ صَرْفُهُ إلَّا إلَى الْفُقَرَاءِ لَا إلَى ذِي عِلْمٍ لِعِلْمِهِ، وَلَا لِحَاضِرِي الشَّيْخِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاضِرُ وَاحِدًا مِنْ الْفُقَرَاءِ، وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا وَيُنْقَلُ إلَى ضَرَائِحِ الْأَوْلِيَاءِ تَقَرُّبًا إلَيْهِمْ فَحَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِصَرْفِهَا الْفُقَرَاءَ الْأَحْيَاءَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقَدْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِذَلِكَ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَكَرِهَ مُجَاهِدٌ أَنْ يُقَالُ جَاءَ رَمَضَانُ وَذَهَبَ وَقَالَ لَا أَدْرِي لَعَلَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى-، وَلَكِنَّهُ يُقَالُ جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَقَدْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَرُدَّ عَلَى مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

.كِتَابُ الْمَنَاسِكِ:

وَفِيهِ سَبْعَةَ عَشَرَ بَابًا:

.الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْحَجِّ وَفَرْضِيَّتِهِ وَوَقْتِهِ وَشَرَائِطِهِ وَأَرْكَانِهِ وَوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ وَآدَابِهِ وَمَحْظُورَاتِهِ:

(أَمَّا تَفْسِيرُهُ) فَهُوَ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ فِي وَقْتِهِ مُحْرِمًا بِنِيَّةِ الْحَجِّ سَابِقًا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(وَأَمَّا فَرْضِيَّتُهُ) فَالْحَجُّ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ ثَبَتَتْ فَرْضِيَّتُهَا بِدَلَائِلَ مَقْطُوعَةٍ حَتَّى يَكْفُرَ جَاحِدُهَا، وَأَنْ لَا يَجِبَ فِي الْعُمُرِ إلَّا مَرَّةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يُبَاحُ لَهُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْإِمْكَانِ إلَى الْعَامِ الثَّانِي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
فَإِذَا أَخَّرَهُ، وَأَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَقَعَ أَدَاءً كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي وَالتَّعْجِيلُ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ السَّلَامَةَ أَمَّا إذَا كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ الْمَوْتَ أَمَّا بِسَبَبِ الْهَرَمِ أَوْ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَأْثَمِ حَتَّى يَفْسُقَ وَتُرَدَّ شَهَادَتُهُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَوْ حَجَّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْإِثْمُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ مَاتَ، وَلَمْ يَحُجَّ أَثِمَ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَأَمَّا وَقْتُهُ فَأَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) وَالْأَشْهُرُ الْمَعْلُومَاتُ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَإِذَا عَمِلَ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ، وَإِذَا عَمِلَ فِيهَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(وَأَمَّا شَرَائِطُ وُجُوبِهِ) فَمِنْهَا الْإِسْلَامُ حَتَّى لَوْ مَلَكَ مَا بِهِ الِاسْتِطَاعَةُ حَالَ كُفْرِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ مَا افْتَقَرَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِتِلْكَ الِاسْتِطَاعَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَهُ مُسْلِمًا فَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى افْتَقَرَ حَيْثُ يَتَقَرَّرُ الْحَجُّ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَزِمَهُ أُخْرَى إذَا اسْتَطَاعَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
(وَمِنْهَا الْعَقْلُ) فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَجْنُونِ، وَفِي الْمَعْتُوهِ خِلَافٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَمِنْهَا الْبُلُوغُ) فَلَا يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَنَّ الصَّبِيَّ حَجَّ إذًا قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَكُونُ تَطَوُّعًا، وَلَوْ أَحْرَمَ ثُمَّ بَلَغَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إنْ مَضَى عَلَى إحْرَامِهِ يَكُونُ تَطَوُّعًا، وَإِنْ جَدَّدَ التَّلْبِيَةَ أَوْ اسْتَأْنَفَ الْإِحْرَامَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ ثُمَّ وَقَفَ بِعَرَفَةَ يَكُونُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ إذَا أَفَاقَ، وَالْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَجَدَّدَ الْإِحْرَامَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ احْتَلَمَ بِمَكَّةَ، وَأَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا الْحُرِّيَّةُ) فَلَا حَجَّ عَلَى عَبْدٍ، وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ مُكَاتَبًا أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْحَجِّ، وَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ لِعَدَمِ مِلْكِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ حَجَّ قَبْلَ الْعِتْقِ مَعَ الْمَوْلَى لَا يُجْزِيهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ إذَا أُعْتِقَ، وَلَوْ أُعْتِقَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَأَحْرَمَ وَحَجَّ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْعِتْقِ ثُمَّ جَدَّدَ الْإِحْرَامَ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا الْقُدْرَةُ عَلَى الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ) بِطَرِيقِ الْمِلْكِ أَوْ الْإِجَارَةِ دُونَ الْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِبَاحَةُ مِنْ جِهَةِ مَنْ لَا مِنَّةَ لَهُ عَلَيْهِ كَالْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ كَالْأَجَانِبِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ لِيَحُجَّ بِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَاهِبُ مِمَّنْ تُعْتَبَرُ مِنَّتُهُ كَالْأَجَانِبِ أَوْ لَا تُعْتَبَرُ كَالْأَبَوَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَفْسِيرُ مِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ، وَهُوَ مَا سِوَى مَسْكَنِهِ وَلِبْسِهِ وَخَدَمِهِ، وَأَثَاثِ بَيْتِهِ قَدْرَ مَا يُبَلِّغُهُ إلَى مَكَّةَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا رَاكِبًا لَا مَاشِيًا وَسِوَى مَا يَقْضِي بِهِ دُيُونَهُ وَيَمْسِكُ لِنَفَقَةِ عِيَالِهِ، وَمَرَمَّةِ مَسْكَنِهِ وَنَحْوِهِ إلَى وَقْتِ انْصِرَافِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيُعْتَبَرُ فِي نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ الْوَسَطُ مِنْ غَيْرِ تَبْذِيرٍ، وَلَا تَقْتِيرٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْعِيَالُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَا يَتْرُكُ نَفَقَةً لِمَا بَعْدَ إيَابِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالرَّاحِلَةُ تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ كُلِّ إنْسَانٍ مَا يُبَلِّغُهُ فَمَنْ قَدَرَ عَلَى رَأْسٍ زَامِلَةٍ، وَأَمْكَنَهُ السَّفَرُ عَلَيْهِ وَجَبَ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ مُتَرَفِّهًا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شِقِّ مَحْمَلٍ، وَلَا تَثْبُتُ الِاسْتِطَاعَةُ بِعَقَبَةِ الْأَجِيرِ، وَهُوَ أَنْ يَكْتَرِيَ رَجُلَانِ بَعِيرًا وَاحِدًا يَتَعَاقَبَانِ فِي الرُّكُوبِ يَرْكَبُ أَحَدُهُمَا مَرْحَلَةً أَوْ فَرْسَخًا ثُمَّ يَرْكَبُهُ الْآخَرُ، وَكَذَا لَوْ وَجَدَ مَا يَكْتَرِي بِهِ مَرْحَلَةً وَيَمْشِي مَرْحَلَةً لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَمَنْ حَوْلَهُمَا مِمَّنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إذَا كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى الْمَشْيِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مِنْ الطَّعَامِ مِقْدَارُ مَا يَكْفِيهِمْ وَعِيَالَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ إلَى عَوْدِهِمْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الْفَقِيرُ إذَا حَجَّ مَاشِيًا ثُمَّ أَيْسَرَ لَا حَجَّ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا وَجَدَ مَا يَحُجُّ بِهِ وَقَدْ قَصَدَ التَّزَوُّجَ يَحُجُّ بِهِ، وَلَا يَتَزَوَّجُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فَرِيضَةٌ أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى- عَلَى عَبْدِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا كَانَ لَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا وَعَبْدٌ يَسْتَخْدِمُهُ وَثِيَابٌ يَلْبَسُهَا، وَمَتَاعٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَا تَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِطَاعَةُ، وَفِي التَّجْرِيدِ إنْ كَانَ لَهُ دَارٌ لَا يَسْكُنُهَا وَعَبْدٌ لَا يَسْتَخْدِمُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَحُجَّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ دَرَاهِمُ يَبْلُغُ بِهَا الْحَجَّ أَوْ يَبْلُغُ ثَمَنَ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَطَعَامٍ وَقُوتٍ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ فَإِنْ جَعَلَهَا فِي غَيْرِ الْحَجِّ أَثِمَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَكَذَا مَنْ كَانَ لَهُ ثِيَابٌ لَا يَمْتَهِنُهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ وَيَحُجَّ بِثَمَنِهَا إنْ كَانَ بِثَمَنِهَا، وَفَاءٌ بِالْحَجِّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْزِلٌ يَكْفِيهِ بَعْضُهُ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُ الْفَاضِلِ لِأَجْلِ الْحَجِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا كَانَ لَهُ مَنْزِلٌ يَسْكُنُهُ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ مَنْزِلًا أَدْوَنَ مِنْهُ وَيَحُجَّ بِالْفَضْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ أَخَذَ بِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ وَلَا يَجِبُ بَيْعُ مَسْكَنِهِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى السُّكْنَى بِالْإِجَارَةِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
قَالُوا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إذَا كَانَتْ لِفَقِيهٍ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى اسْتِعْمَالِهَا لَا تَثْبُتُ بِهَا الِاسْتِطَاعَةُ، وَإِنْ كَانَتْ لِجَاهِلٍ تَثْبُتُ بِهَا الِاسْتِطَاعَةُ، وَإِنْ كَانَتْ كُتُبُ الطِّبِّ وَالنُّجُومِ تَثْبُتُ الِاسْتِطَاعَةُ سَوَاءٌ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِعْمَالِهَا وَالنَّظَرِ فِيهَا أَوْ لَا يَحْتَاجُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ تَاجِرًا يَعِيشُ بِالتِّجَارَةِ فَمَلَكَ مَالًا مِقْدَارَ مَا لَوْ رَفَعَ مِنْهُ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ لِذَهَابِهِ، وَإِيَابِهِ وَنَفَقَةِ أَوْلَادِهِ وَعِيَالِهِ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِهِ إلَى وَقْتِ رُجُوعِهِ وَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ رَأْسُ مَالِ التِّجَارَةِ الَّتِي كَانَ يَتَّجِرُ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مُحْتَرِفًا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ أَنْ يَمْلِكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ ذَهَابًا، وَإِيَابًا وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ، وَأَوْلَادِهِ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِهِ إلَى رُجُوعِهِ وَيَبْقَى لَهُ آلَاتُ حِرْفَتِهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ ضَيْعَةٍ إنْ كَانَ لَهُ مِنْ الضَّيَاعِ مَا لَوْ بَاعَ مِقْدَارَ مَا يَكْفِي الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ، وَأَوْلَادِهِ وَيَبْقَى لَهُ مِنْ الضَّيْعَةِ قَدْرُ مَا يَعِيشُ بَغْلَةِ الْبَاقِي يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ حَرَّاثًا أَكَّارًا فَمَلَكَ مَا لَا يَكْفِي الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ، وَأَوْلَادِهِ مِنْ خُرُوجِهِ إلَى رُجُوعِهِ وَيَبْقَى لَهُ آلَاتُ الْحَرَّاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا الْعِلْمُ بِكَوْنِ الْحَجِّ فَرْضًا) وَالْعِلْمُ الْمَذْكُورُ يَثْبُتُ لِمَنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِمُجَرَّدِ الْوُجُودِ فِيهَا سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْفَرْضِيَّةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَشَأَ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ لَا فَيَكُونُ عِلْمًا حُكْمِيًّا، وَلِمَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَوْ مَسْتُورِينَ أَوْ وَاحِدٌ عَدْلٌ وَعِنْدَهُمَا لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ فِيهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَمِنْهَا سَلَامَةُ الْبَدَنِ) حَتَّى إنَّ الْمُقْعَدَ وَالزَّمِنَ وَالْمَفْلُوحَ، وَمَقْطُوعَ الرِّجْلَيْنِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِمْ الْإِحْجَاجُ إنْ مَلَكُوا الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ، وَلَا الْإِيصَاءَ فِي الْمَرَضِ، وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ الَّذِي لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُمَا وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَحَجُّوا أَجْزَأَهُمْ مَا دَامَ الْعَجْزُ مُسْتَمِرًّا بِهِمْ فَإِنْ زَالَ فَعَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ بِأَنْفُسِهِمْ وَظَاهِرُ مَا فِي التُّحْفَةِ اخْتِيَارُهُ فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْإِسْبِيجَابِيُّ وَقَوَّاهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأُلْحِقَ بِهِمْ الْمَحْبُوسُ وَالْخَائِفُ مِنْ السُّلْطَانِ الَّذِي يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ، وَكَذَا لَا يَجِبُ الْإِحْجَاجُ عَنْهُمْ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَالْأَعْمَى إذَا مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ إنْ لَمْ يَجِدْ قَائِدًا لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ فِي قَوْلِهِمْ، وَهَلْ يَجِبُ الْإِحْجَاجُ بِالْمَالِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَجِبُ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ، وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَجِبُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبَيْهِ فِيهِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ، وَهُوَ صَحِيحُ الْبَدَنِ، وَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى صَارَ زَمِنًا أَوْ مَفْلُوجًا لَزِمَهُ الْإِحْجَاجُ بِالْمَالِ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ تَكَلَّفَ هَؤُلَاءِ الْحَجَّ بِأَنْفُسِهِمْ سَقَطَ عَنْهُمْ حَتَّى لَوْ صَحُّوا بَعْد ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْأَدَاءُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(وَمِنْهَا أَمْنُ الطَّرِيقِ) قَالَ أَبُو اللَّيْثِ إنْ كَانَ الْغَالِبُ فِي الطَّرِيقِ السَّلَامَةَ يَجِبُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ إنْ كَانَ الْغَالِبُ فِي طَرِيقِ الْبَحْرِ السَّلَامَةَ مِنْ مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرُكُوبِهِ يَجِبُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَسَيْحُونُ وَجَيْحُونَ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ أَنْهَارٌ لَا بِحَارٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَذَا دِجْلَةُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا الْمَحْرَمُ لِلْمَرْأَةِ) شَابَّةً كَانَتْ أَوْ عَجُوزًا إذَا كَانَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ حَجَّتْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمَحْرَمُ الزَّوْجُ، وَمَنْ لَا يَجُوزُ مُنَاكَحَتُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا عَاقِلًا بَالِغًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا كَافِرًا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمَجُوسِيُّ إذَا كَانَ يَعْتَقِدُ إبَاحَةَ مُنَاكَحَتِهَا لَا يُسَافِرُ مَعَهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ وَعَبْدُ الْمَرْأَةِ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَا عِبْرَةَ لِلصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَحْتَلِمُ وَالْمَجْنُونِ الَّذِي لَا يُفِيقُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتَجِبُ عَلَيْهَا النَّفَقَةُ وَالرَّاحِلَةُ فِي مَالِهَا لِلْمَحْرَمِ لِيَحُجَّ بِهَا، وَعِنْدَ وُجُودِ الْمَحْرَمِ كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا زَوْجُهَا، وَفِي النَّافِلَةِ لَا تَخْرُجُ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَحْرَمٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ لِلْحَجِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
ثُمَّ تَكَلَّمُوا أَنَّ أَمْنَ الطَّرِيقِ وَسَلَامَةَ الْبَدَنِ- عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَوُجُودَ الْمَحْرَمِ لِلْمَرْأَةِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْحَجِّ أَمْ لِأَدَائِهِ، بَعْضُهُمْ جَعَلُوهَا شَرْطًا لِلْوُجُوبِ وَبَعْضُهُمْ شَرْطًا لِلْأَدَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ فَعَلَى قَوْلِ الْأَوَّلِينَ لَا تَلْزَمُهُ الْوَصِيَّةُ وَعَلَى قَوْلِ الْآخِرِينَ تَلْزَمُهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
(وَمِنْهَا عَدَمُ قِيَامِ الْعِدَّةِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) عِدَّةَ وَفَاةٍ كَانَتْ أَوْ عِدَّةَ طَلَاقٍ، وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَلَا تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ إلَى الْحَجِّ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ، وَكَذَا لَوْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ فِي الطَّرِيقِ فِي مِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسِيرَةُ سَفَرٍ لَا تَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْمِصْرِ مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ بَعْدَ الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ، وَهِيَ مُسَافِرَةٌ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَمْ تُفَارِقْ زَوْجَهَا وَالْأَفْضَلُ لِزَوْجِهَا أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الشَّرَائِطِ لِوُجُوبِ الْحَجِّ مِنْ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا وَقْتَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ إلَى مَكَّةَ حَتَّى لَوْ مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ أَهْلُ بَلَدِهِ إلَى مَكَّةَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ صَرْفِ ذَلِكَ إلَى حَيْثُ أَحَبَّ، وَإِذَا صَرَفَ مَالَهُ ثُمَّ خَرَجَ أَهْلُ بَلَدِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَأَمَّا إذَا جَاءَ وَقْتُ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَيَلْزَمُهُ التَّأَهُّبُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ صَرَفَهُ إلَى غَيْرِ الْحَجِّ أَثِمَ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
(وَأَمَّا شَرَائِطُ صِحَّةِ أَدَائِهِ فَثَلَاثَةٌ) الْإِحْرَامُ وَالْمَكَانُ وَالزَّمَانُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَأَمَّا رُكْنُهُ فَشَيْئَانِ) الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ لَكِنَّ الْوُقُوفَ أَقْوَى مِنْ الطَّوَافِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ حَتَّى يَفْسُدَ الْحَجُّ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَلَا يَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.
(وَأَمَّا وَاجِبَاتُهُ فَخَمْسَةٌ) السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْوُقُوفُ بِمُزْدَلِفَةَ وَرَمْيُ الْجِمَارِ وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ، وَطَوَافُ الصَّدْرِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
(وَأَمَّا سُنَنُهُ) فَطَوَافُ الْقُدُومِ وَالرَّمَلُ فِيهِ أَوْ فِي الطَّوَافِ الْفَرْضِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ، وَالْبَيْتُوتَةُ بِمِنًى فِي لَيَالِي أَيَّامِ النَّحْرِ، وَالدَّفْعُ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى قَبْلَهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَالْبَيْتُوتَةُ بِمُزْدَلِفَةَ سُنَّةٌ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ سُنَّةٌ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَأَمَّا آدَابُهُ) فَإِنَّهُ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ دُيُونَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيُشَاوِرَ ذَا رَأْيٍ فِي سَفَرِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا فِي نَفْسِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ خَيْرٌ، وَكَذَا يَسْتَخِيرُ اللَّهَ- تَعَالَى- فِي ذَلِكَ، وَسُنَّتُهَا أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بِسُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَيَدْعُوَ بِالدُّعَاءِ الْمَعْرُوفِ لِلِاسْتِخَارَةِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ يَبْدَأُ بِالتَّوْبَةِ، وَإِخْلَاصِ النِّيَّةِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ وَالِاسْتِحْلَالِ مِنْ خُصُومِهِ، وَمِنْ كُلِّ مَنْ عَامَلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَضَاءِ مَا قَصَّرَ فِي فِعْلِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَالنَّدَمِ عَلَى تَفْرِيطِهِ فِي ذَلِكَ، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيَتَجَرَّدُ عَنْ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَالْفَخْرِ وَلِذَا كَرِهَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الرُّكُوبَ فِي الْمَحْمِلِ، وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ إذَا تَجَرَّدَ عَنْ قَصْدِ ذَلِكَ وَيَجْتَهِدُ فِي تَحْصِيلِ نَفَقَةٍ حَلَالٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ الْحَجُّ بِالنَّفَقَةِ الْحَرَامِ مَعَ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْفَرْضُ مَعَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ بِمَالٍ حَلَالٍ فِيهِ شُبْهَةٌ فَإِنَّهُ يَسْتَدِينُ لِلْحَجِّ وَيَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْمُقَطَّعَاتِ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ رَفِيقٍ صَالِحٍ يُذَكِّرُهُ إذَا نَسِيَ وَيُصَبِّرُهُ إذَا جَزِعَ وَيُعِينُهُ إذَا عَجَزَ، وَكَوْنُهُ مِنْ الْأَجَانِبِ أَوْلَى مِنْ الْأَقَارِبِ تَبَعُّدًا عَنْ سَاحَةِ الْقَطِيعَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْيَنَابِيعِ وَيَتْرُكُ نَفَقَةَ عِيَالِهِ وَيَخْرُجُ بِنَفْسٍ طَيِّبَةٍ وَيَتَّقِي اللَّهَ فِي طَرِيقِهِ وَيُكْثِرُ ذِكْرَ اللَّهِ وَيَجْتَنِبُ الْغَضَبَ، وَيُكْثِرُ الِاحْتِمَالَ عَنْ النَّاسِ وَيَسْتَعْمِلُ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ بِتَرْكِ مَا لَا يَعْنِيهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي تَعْلِيمِ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَيَرَى الْمُكَارِي مَا يَحْمِلُهُ، وَلَا يَحْمِلُ أَكْثَرَ مِنْهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَحْتَرِزُ مِنْ تَحْمِيلِهَا فَوْقَ مَا تُطِيقُهُ، وَمِنْ تَقْلِيلِ عَلَفِهَا الْمُعْتَادِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَوْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَتَجْرِيدُ السَّفَرِ مِنْ التِّجَارَةِ أَحْسَنُ، وَلَوْ اتَّجَرَ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَا يُمَاكِسُ فِي شِرَاءِ الْأَدَوَاتِ، وَلَا يُشَارِكُ فِي الزَّادِ، وَاجْتِمَاعُ الرُّفْقَةِ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى طَعَامِ أَحَدِهِمْ أَحَلُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ خُرُوجَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ اقْتِدَاءً بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِلَّا فَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَالشَّهْرِ وَيُوَدِّعُ أَهْلَهُ، وَأَخَوَاتِهِ وَيَسْتَحِلُّهُمْ وَيَطْلُبُ دُعَاءَهُمْ وَيَأْتِيهِمْ لِذَلِكَ وَهُمْ يَأْتُونَهُ إذَا قَدِمَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَيَخْرُجُ خُرُوجَ الْخَارِجِ مِنْ الدُّنْيَا وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ، وَكَذَا بَعْدَ الرُّجُوعِ إلَى بَيْتِهِ وَيَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ حِينَ يَخْرُجُ اللَّهُمَّ بِكَ انْتَشَرْتُ، وَإِلَيْك تَوَجَّهْتُ وَبِكَ اعْتَصَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي، وَأَنْتَ رَجَائِي اللَّهُمَّ اكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي، وَمَا لَا أَهْتَمُّ بِهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي عَزَّ جَارُكَ، وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ اللَّهُمَّ زَوِّدْنِي التَّقْوَى وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَوَجِّهْنِي إلَى الْخَيْرِ أَيْنَمَا تَوَجَّهْت اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ، وَإِذَا خَرَجَ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ، وَلَا حَوْلَ، وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ اللَّهُمَّ وَفِّقْنِي لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى وَاحْفَظْنِي مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَيَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَسُورَةَ الْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ مَرَّةً، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْحَجُّ رَاكِبًا أَفْضَلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ، وَفِي النَّوَازِلِ وَالْمُخْتَارَاتِ الطَّرِيقُ إنْ كَانَ قَرِيبًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَحُجَّ رَاكِبًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.
وَيُكْرَهُ الْحَجُّ عَلَى الْحِمَارِ، وَالْجَمَلُ أَفْضَلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ وَإِذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَعَلَّمَنَا الْقُرْآنَ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي فِي خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْأَحْسَنُ لِلْحَاجِّ أَنْ يَبْدَأَ بِنُسُكِهِ فَإِذَا قَضَى نُسُكَهُ أَتَى إلَى الْمَدِينَةِ فِي الْكُبْرَى لَوْ كَانَ غَيْرَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ يَبْدَأُ بِأَيِّمَا شَاءَ، وَإِنْ بَدَأَ بِالْمَدِينَةِ مَعَ هَذَا فِي الْأَوَّلِ جَازَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْحَجِّ.
ثُمَّ الرُّكْنُ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ الْبَدَلُ، وَلَا يُتَخَلَّصُ عَنْهُ بِالدَّمِ إلَّا بِإِتْيَانِ عَيْنِهِ، وَالْوَاجِبُ يُجْزِئُ عَنْهُ الْبَدَلُ إذَا تَرَكَهُ، وَلَوْ تَرَكَ السُّنَنَ وَالْآدَابَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَسَاءَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
(وَأَمَّا مَحْظُورَاتُهُ فَنَوْعَانِ) أَحَدُهُمَا مَا يَفْعَلُهُ فِي نَفْسِهِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ الْجِمَاعُ وَالْحَلْقُ وَقَلْمُ الْأَظْفَارِ وَالتَّطَيُّبُ وَتَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلُبْسُ الْمَخِيطِ وَالثَّانِي مَا يَفْعَلُهُ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ التَّعَرُّضُ لِلصَّيْدِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَقَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَالتُّحْفَةِ وَغَيْرِهِمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ.